تتراوح تقديرات تعداد المسلمين في أميركا ما بين مليونين وسبعة ملايين نسمة. وسبب هذا الغموض أن إحصاءات تعداد السكان الإجمالي في الولايات المتحدة لا يتضمن بندا للديانة. ولكن الوجود الإسلامي في الولايات المتحدة يعود إلى جذور التاريخ. حيث تذكر الوثائق أن 30 في المائة من المهجرين قسرا إلى أميركا على سفن العبيد، في القرنين السابع والثامن عشر، كانوا من المسلمين.
وينمو تعداد المسلمين الآن في الولايات المتحدة بنسب أكبر منها في الجاليات الأخرى لعدة أسباب، أهمها أن الزيادة تغذيها موجات هجرة متتابعة، ونسبة مواليد عالية، وأيضا تزايد عدد معتنقي الإسلام من الديانات الأخرى. وقد لا يعلم كثيرون أن نسبة 65 في المائة من المسلمين في أميركا هم من مهاجري الجيل الأول، ونسبة 61 في المائة منهم وصلوا خلال التسعينات وما بعدها.
وتشير الصورة الإحصائية للجالية المسلمة في أميركا إلى أنها لا تختلف كثيرا عن الجاليات الأخرى. فالمسلمون في أميركا هم فسيفساء من مختلف الأجناس والأعراق واللغات والخلفيات الاقتصادية. وهم أيضا أكثر اندماجا في المجتمع عن جاليات مسلمة في دول أخرى. وتختلف درجة الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي بين أفراد الجالية المسلمة في أميركا، فمنهم من يعتمد الحداثة والانفتاح على المجتمع الجديد ومنهم من يفضل الاحتفاظ بعادات وتقاليد الوطن الأصلي. والأغلبية منهم تسعى نحو تحسين أوضاعها المعيشية عن طريق الانخراط في كافة مجالات الحياة العامة.
وفي البداية يجد المسلمون بعض الصعوبة في التأقلم على المجتمع الجديد متعدد الهويات، خصوصا هؤلاء الذين يصلون من مجتمعات ذات أغلبية مسلمة. كما يحرص المسلمون في أميركا على التجنس بالجنسية الأميركية أكثر من غيرهم. فنسبة 77% منهم مواطنون أميركيون، ونسبة 65 في المائة من المولودين خارج الولايات المتحدة اكتسبوا الجنسية الأميركية مقابل نسبة 58 في المائة فقط للجالية الصينية مثلا. ويتضح أيضا الحرص على اكتساب الجنسية من دراسة لمركز حقوق الإنسان التابع لكلية القانون في جامعة نيويورك، أشارت إلى أن نسبة كبيرة من المسلمين من إجمالي 40 ألف شخص، من كل الجنسيات والأديان، انتظروا أكثر من ثلاث سنوات لصدور قرار الموافقة على اكتسابهم الجنسية.
وتتراوح تقديرات نسبة المسلمين من أصل أفريقي بين إجمالي تعداد الجالية المسلمة ما بين الخمس والثلث. أما المجموعات العرقية الأخرى فتشمل العرب والآسيويين من أصول هندية وباكستانية وبنغلاديشية وأفغانية. وعلى الرغم من ربط الإسلام بالعرب من معظم الأميركيين، إلا أن ثلثي العرب المهاجرين إلى أميركا هم من المسيحيين. ولكن معظم العرب المهاجرين إلى أميركا منذ الحرب العالمية الثانية هم من المسلمين.
وتشمل الجالية المسلمة أيضا مهاجرين من معظم دول العالم، ونسبا متزايدة من البيض ومن الإسبان خصوصا من بين معتنقي الإسلام ومن بين النساء المتزوجات من مسلمين. وينتشر المسلمون في جميع المجالات العامة مثل مجالات الأعمال والحكومة والرياضة، كما ظهر من بينهم شخصيات مؤثرة في كافة مجالات الحياة العامة في أميركا.
في الحكومة مثلا ظهر زلماي خليل زاد سفير الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة والعراق وأفغانستان، وشيرين طاهر ـ خيلي مستشارة وزيرة الخارجية، وعضو الكونغرس ثاقب علي، والدكتور إلياس زرعوني المنتخب لمعهد الصحة الوطني. وفي مجال الأعمال ظهر مصطفى العقاد المخرج السوري الأصل وفريد زكريا، الصحافي في «سي إن إن» والدكتور أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء، ومصممة الأزياء في نيويورك داليا غانم. من بين مشاهير المسلمين الأميركيين أيضا بطل العالم السابق في الملاكمة محمد علي كلاي، ولاعب كرة السلة كريم عبد الجبار، وزميله جهاد محمد، ولاعب كرة القدم الأميركية الزاهر حكيم. وتزداد الأهمية الاقتصادية للجالية المسلمة في أميركا دوما، حيث ينفق المسلمون الأميركيون 170 مليار دولار سنويا على السلع والخدمات، وهم رقم يزداد سنويا ـ كما أن الساسة يصغون أكثر إلى الرأي العام بين المواطنين المسلمين وينظم البيت الأبيض حفل إفطار داخل البيت الأبيض سنويا منذ منتصف التسعينات.